عدد المساهمات : 371 تاريخ التسجيل : 18/10/2009 العمر : 45 الموقع : www.badda.c.la
موضوع: في نعي بابا مبارك أوعلي أيت إبراهيم الأربعاء ديسمبر 25, 2013 6:17 am
بسم الله الرحمان الرحيم
...لم يكن يعلم كغيره ممن سبقونا أنه يلملم آخر الصور ، أنه ليد أمه كان يقبل آخر القبلات ، أنه يضع آخر اللمسات ، يجالس آخر الجلسات ، يناقش آخر المناقشات ما درى أنه يلقي آخر التحايا ، يسْْرح بآخر النظرات ، ينجز آخر الصفقات ،ما يقِنَ أنه كان يودع آخر الوداع ، ما تبصر أنه يُقفل آخر القَفَلات ولا أنه يركع آخر الركعات أو يسبح آخر السُّبحات ، ما تكشَّف له أنه يخطو آخر الخطوات ، لتُكشف عنه آخرُ الكُشُفات حتى ظن أنه الفراق ، وكان حقا الفراق فصار بصره حديدا يلْمح عالما جديدا ، مصيرا محتوما ، عمرا مختوما ، روحا مقبوضا ، ملكا لذهنه مشوشا لحركته مقيدا ، فالتفت الساق إلى الساق وسيق إلى ربه سوقا لجنة الرضوان شوقا لرضى الرحمان توقا .. فكان العبرة لكل معتبر والحيرة لكل محتار من تقاسيم القدر.. فأسلم أيها العبد للصادق ودع الخلق للخالق والقدر لمنتهاه سلم لمن إليه ينتهي الأمر كله ..
قدرا شاء الله لمباركنا أن يسيح خيرا في أرض غير تمزموط ، ليصل تلك البقعة من أرض الله معمِّرا لها ، ومشيئة القادر قضت أن تقبض روحه بإحسان كما وطئ أرض أفلا ندرى بنية حسنة أول الأمر ، هو بإحسان نزلها وعليه قُبِض فكانت القبضة أروع بخاتمة حسنى يترجَّاها كل عبد من خالقه في السر والعلن .. وأيم الله ليُمن الله به بشارةٌ ، ولَلعاقبة للمتقين...وحسب المرء أن يدور في فلك القدر معتبرا من موت بختام الحسن كتبت ..
رأسٍ تدورُ ، خبر يجولُ ، وجسم ممدَّد ، للحْدٍ محفور ، جمهورٌ غفيرٌ ، غصةٌ في القلب ، دوامةٌ في العقل ، دمعة في العين ، سؤال مطروحٌ جوابٌ صحيحٌ ، تاريخ يروى ، صراع يطوى ، موقف تجلَّى ، لشخص تمدَّى .. بموته تمزموط حيرى ‼
مات مدافع ، رحل منافح ، فرغ ركن في مسجد ، خفت صوت ، أفل نجمٌ آخرُ من نجوم ثيغومار على سفح هرم جبل كيسانَ الذي ثبَّت بين رجليه الركينتين تمزموطيا وقورا شقَّ الصعاب ، أجرى الأحداثَ ، فجَّر الأقوالَ ، وهو الآن بين الأجداثِ ...
مات بابا مبارك ، ومعه تفقد تمزموط علما من أعلامها ، رمزا من رموزها الأشاوس ، ولم يبق من ذكراه إلا العبرة بما كان منه ومنا ، لم يعد أحد يتذكر في قلبه وعقله إلا ماكان يجب أن تكون عليه العلاقة وهو حي بينه وبينه وما لم يكنْ ليكون في علاقة أخ بأخ، مسلم بمسلم ، تمزموطي بآخر...
هو الآن بمقر نادي المعرفة مسجى ؛ جثةً هامدةً تقضي آخر لياليها بيننا في هدوء وسكون تنتظر أن توارى ثرى تمزموطنا الحبيبة ، فمنها ولد واليها عاد بلا حراك ليصير السمار الى السمار ...
رجل لم تكن وفاته لتتركنا دون أن نقف نعيا ، لعبد ماعرفنا عنه غير الصدقِ والوقارِ والعملِ الجاد والنجاحِ والتوفيقِ ، رجلٌ خدم البلاد وابتُلي يوما لأجلها سَجْنا ردًّا لحيف أليم وشر مستطير وزور ألمّ بنا فتحملَّه عنا ، شهمٌ آوى الضيف وكفل اليتيم ، وعطف على الصغير ، وبرًّا بوالدته .. في صمت غادرنا بابا مبارك دون وداع ، في كلمة حق مدوية عرفناه وناقشناه ، في موقفين متباينين ذكرناه ، وكذلك الإنسان بحر جواد منه يرى مد وجزر فيه يبْصَرُ هديرُ موجٍ فسكونٌ وأفقٌ ممتدٌ وعمقٌ سحيقٌ لا يعرف كُنْهه إلا من غاص أعماقه وأبصر اللؤلؤ في قاعه...
حتما القدر قدر الله ، فما كُشف عن الفقيد الغطاء يوم لاح الموت جوار جليسه المفقود ؛ المرحوم محمد بويحي في حادثة غرق الحافلة على قنطرة ورزازات ، وأبصر حينها الناسَ صرعى وعرف أن الموت حق وأن الأجل بيد الله ، لحظتها أيقن كلَّ ذلك ، وعصرا بعد ردح طويل حل أجلُه ليضع حدا لعمر وأمد ، بقدرة الله الأحد الصمد...
الآن صحصح عنه الحق وغادرنا الى دار البقاء ؛ منزل الصفاء والنقاء، الآن فقدناه في أولِ ليالينا آخِر آصالنا معه، آخِر صلواتنا رفقتًه ، سبقنا اليوم الى عالمِه ؛ عالمِنا بعده ، فيا ربي لاتفتنا بعده ، ولا تحرمنا أجره ، واغسل ذنبه وفرج كربه ، وأغدق عليه من رحمتك حتى يرضى...
وعظَّم الله أجركم أهل بيتي آل أيت إبراهيم ، أنفاس قلبي تمزموطيينا في كل مكان ، وغفر الله لنا ولكم ولسائر المسلمين أجمعين.
مع تعازي همس الجنوبي عبد الله بادا بن محمد بن الهاشمي ليلة الثلاثاء 24 دجنبر 2013 سبت الكردان - تارودانت