زوبعة الحداثة
في البدء ومند القدم، كان الإنسان التمزموطي داخل حقل يسوده الود والاحترام، الجد والاجتهاد...، فهو حازم في عمله، كريم بطبعه، يتصرف وفق ما أملته عليه تنشئته الاجتماعية، يوم بعد يوم، وشهر بعد شهر، يبلور أفكار جديدة وقناعات مختلفة، فهو اليوم شهد طفرة في مجالات شتى وميادين عدة، خاصة في" إرثه التقليدي"، فقد أصبح إنسانا بدوحضري يتحرك وفق حضارات أخرى في إطار مواكبة التقدم و التطور.
وسأشير إلى بعض التحولات التي شهدها العالم التمزموطي على سبيل التذكير لا الحصر:
فقد خلع الإنسان التمزموطي زيه التقليدي المتمثل في "الجلباب"و"الفقيا"، بالنسبة للرجال، و"أحرام" أو"أملحاف" للنساء، ليلبس زيا آخر غاز، إنه الزي العصري، ولم يتوقف عند هذا الحد بل شهدت المؤسسة التقليدية "المسيد" كذلك فراغا هائلا، لم نشهد له مثيل، فالمسيد أو "دار القرآن" كانت ملجأ لكل صغير وكبير على حد السواء، أما اليوم فقلما نصادف طفلا يحمل بين أحضانه "تلوحت " متجها نحو المسيد، أما التلاميذ فبمجرد هبوب نسمات العطلة، فإنهم يحجزون تذاكر السفر للتوجه إلى المدن خاصة"مراكش"، ليشمروا على أدرعهم من أجل رغيف أو درهم يدخرونه ليوم العودة، فضلا عن جعل نصيب منه لرسم بسمة على وجه الأب، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد بدأت الأسر استعمال القنينات الغازية في مجال الطبخ والحمامات...، إذ كانت في الماض تعتمد كليا على أغصان الشجر خاصة النخيل. وعوض "تنوالت" التي تتوفر على "أنمسي" و"تفرنت" وكذا" تكدورت" و"تفلا" وغيرها، التي تشكل أغصان النخيل أو ما يسمى ب"تسطوين" وقودها الأساس، والتي تعطي نكهة خاصة للطعام تجعله لذيذا، نجد"الكزينة" مجهزة بأحدث الأدوات، كما أن"تمروحت" التي اسمها يدل على وظيفتها تتنفس أنفاسها الأخيرة، فقد تم هجرها، والاتجاه إلى استعمال جهاز التبريد أي "الفرفار"، وليست وحدها من تحتضر فقط، بل هناك الكثير والكثير، كـ"أقليل" الذي غزته الثلاجة، و"تكشولت" التي تستعمل لخلط اللبن فقد احتلت مكانها آلة الخلط، وهناك أيضا "المهراز" و"أزرك" اللذين كانا يعتمد عليما في طحن معظم المواد المستعملة في الأكل كالفلفل وغيره...، لكنه تم التخلي عنهما والاعتماد على الطاحونة. حتى إرث الزواج لم يسلم من هذه الزوبعة، فقد تم إدخال طقوس جديدة، كطقس لم يكن ينتمي إلى تقاليد المنطقة إنه طقس "العمارية"، لكنه لم يستمر إذ جوبه بمعارضة قوية من لدن أطياف القبيلة الذين سارعوا لوضع حد له. كما أن المرأة التمزموطية استطاعت أن تخرج من قوقعتها لتشارك في التنمية مع أشقائها الرجال (انظر صفحة ظلال القبيلة).
ورغم كل هذه التغيرات فإننا نجد المواطن التمزموطي متشبتا بالروح الوطنية ومتشبتا بقيمه وعاداته، وما عليه إلا أن يخرج من صمته، ويلوح بيده ويسأل نفسه، ماذا قدمت لتمزموط؟ ماذا قدمت للبلد الذي تنتمي إليه أصولي؟ هل حقا استوفيت حق تمزموط....؟
فهيا أيها التمزموطي أطلق العنان لأفكارك، وقم بإماطة اللثام عن أفعالك وأفكارك، ولا تكثرت للقشة التي قسمت ظهر البعير، هيا أيها التمزموطي أقلع قناعك هذا وأشهر شخصيتك الفاعلة، فأنت تؤمن بقدراتك وترغب في التغيير، فانطلق بأناك الواعية وأنتج ولو أنملة أصبع، وأعد الاعتبار لنفسك ورد الجميل لبلدك، هيا أيها التمزموطي عكر صفو العالم بمعرفتك التي طال انتظارها واقض على عطالة فكرك، وابدأ بالتغيير ولا تنتظر من سيأتي به وتغفل عن نفسك وتبخل عن بلدك.
سعيد أمزيل