كان يا مكان , كان في قديم الزمان رجل فقير اسمه "نعمان" يقطن هو وزوجته "إحسان" كوخا قرب الغابة , كانا يعشان في ظروف قاسية , البرد والجوع يكادان يهتكان بهما , والأخطار تحيط من كل الجوانب , كان لهما كلبا لقباه بالكلب "فرحان" كان يحرسهما في الشدة والرخاء - لما لا والكلب مثال في الوفاء - وفي يوم من الأيام وبعد انتظار طويل رزقهما الله بطفلهما الأول , الذي أضاء كل جانب من جوانب الكوخ , والبسمة تشع فيه كأنها نجمة من نجوم السماء , فقررا تسميته ب"أمير" فقد أنساهما كل المعاناة , , فكانت الفرحة تغمر وجههما , كما كانت الشمس تمسح بأشعتها سواد الليل , وكما تعطي للقمر نورا وضياء , غير حياتهما من الحسن إلى الأحسن , فالأب "نعمان" يشعل الشوق فتيله للعودة إلى عالمه الصغير , ويدفعه الحب إلى مضاعفة مجهداته , فأضحى أكثر نشاطا وأكثر مسؤولية , وبعد شهور وأيام خارج الزوج "نعمان"( إلى عمله ) كعادته إلى الغابة لحطب الخشب والذهاب به إلى السوق لبيعه لكنه هذه المرة تأخر , فتساءلت الزوجة "إحسان" عن سبب هذا التأخر المفاجئ , قائلة " ليس من عادة زوجي "نعمان" التأخر هكذا !!!" فهي لم يرتح لها بال ولم يطب لها خاطر , فقررت الخروج للبحث عنه , وهنا المعضلة الكبرى , فقد خرجت الأم للبحث عن زوجها تاركة " الأمير الصغير" في فراشه نائما , حارسه الكلب "فرحان" , وبعد برهة من ابتعادها استقض " الأمير الصغير" من نومه فبدأ يلاعب أصابع يديه , هنيهة اقتربت أفعى الكبرى منه , وهو يبتسم في وجهها , سبحان الله براءته جعلت يبتسم وهو في خطر محتم , انه لا يعي انه في خطر , يظن الكبرى كائنا سليما , الطفل يضحك والكبرى تقترب منه أكثر وأكثر , فجأة الكلب "فرحان" ينبح , مرسلا علامات التحدي والتحذير للكبرى , لكن الكبرى تجاهلته وصممت على تحديه , بدأ الصراع بينهما , الكلب أحس بالمسؤولية في انقاد "الأمير الصغير" مهما كان الثمن , كما يرغب بحمايته من كل مكروه وكأنه يريد رد الجميل , والكبرى ترغب في فريستها , شاب العراك وبعد وقت من النزاع تمكن " فرحان" من الكبرى بعد أن غرس أنيابه في رأسها .
التقت الزوجة بزوجها " نعمان" عائدا من عمله بعد عناء كبير جانيا ثمرة رزقه , وبيده بندقية الصيد التي يستعملها لحماية نفسه وأهله من الحيوانات المفترسة , أحس الكلب "فرحان" من اقترابهما من الكوخ فخرج مسرعا لترحيب بهما , لكن للأسف خرج لنيل حذفه , فقد رأت الأم "إحسان" الدم على فاه "فرحان" وعلى أنيابه , فجن جنونها وحسبته آكل ابنها الوحيد وفلذة كبدها "أمير" وثار غضبها دون أن تعلم الحقيقة الذي أعمى بصيرتها فنزعت البندقية من يد "النعمان" وصوبتها مباشرة على رأس الكلب "فرحان" فأصابته برصاصة قاتلة , سقطته جثة هامدة , وبمجرد سماع صوت البندقية فزع "الأمير الصغير" وبدأ بالبكاء , سمعته الأم " إحسان " فهرولة مسرعة إليه - لتكتشف حقيقة فعلتها - إذ بها تجد أمام الطفل أفعى الكبرى ممزقة إربا إربا , وتحسرت لفعلتها لكنه فات أوان الندم.