لقد شكل الحلي عند المرأة التمزموطية مظهرا من مظاهر الزينة , ورمزا من رموز الإنتماء القبلي الذي يتجلى فيه الموروث الثقافي من خلال الصورة التأصيلية لتقاليد حضارة عتيقة , تختمر في ذاكرتها حكايات وأساطير ومعتقدات في شكل حلي ذات تشكيلات هندسية بارزة تختزل عدة معاني وعدة ابعاد.
وكثيرة هي الحلي التمزموطية التي أثرت استخدام الفضة في تركيبها , فمعظم الحلي تصاغ من هذه المادة المعدنية التي يطلق على تسميتها "بالنقرة" وهي مفردة امازيغية على الأرجح باعتبار ان جل المناطق الجنوبية تتميز بصناعة الحلي الفضية
فالحلي التي كانت تتزين بها المرأة التمزموطية وحتى المواد الأولية التي تستخدم في صياغتها أو نظمها تجلب من اهم المدن الرئيسية للجنوب المغربي أكادير , تزنيت , تارودانت, بالإضافة الى المناطق المجاورة لتمزموط مثل تنزولين وهي مناطق اشتهرت بمهارة الصانع التقليدي في فن النقش والزخرفة التي تمثل الأناقة المعدنية .
والجدير بالذكر أن المرأة التمزموطية لم تقتصر على الحلي الجاهزة التي يتم جلبها من الأسواق الأمازيغية مثل الأساور والقلادات والخلالات والخاتم الفضي المتميز باشكاله المختلفة بل عملت على تشكيل حلي من صنع يدوي اضفت عليها جمالية واحترافية تجمع بين الرقة والبساطة والذوق الرفيع ومن بين هذه الحلي التي ميزة المرأة التمزموطية نجد "تزرا" وهي عبارة عن طقم أو قلادة تجمع حقولا تشكيلية مختلفة ومتميزة ينسجم فيها معدن الفضة الصافي والأحجار الكريمة " كالمرجان" و"اللو بان" حيث يبدو دفئ الألوان وتناغم التفصيلات بين البرتقالي الزاهي والأخضر الفستقي والبنفسجي اللامع والأبيض الصافي وهي ألوان مختارة بكل دقة تعطي قيمة فنية وإبداعية في تركيب "تزرا.
" المدجة" أو ما يعرف "بالركابية" هي عبارة عن طقم أو مربط مركب في أغلبه من عقيق بألوان مختلفة تعكس روعة تصميم المرأة التمزموطية تنسجم فيه الألوان من خلال أشكال هندسية متداخلة بين المعين والشكل الهلالي والمثلث .
لاربيع أو ما يصطلح عليه "بأعكايد" هو عبارة عن قلادة مركبة من أقراص فضية تدعى بالحسني تنتظم في تسلسل مترا تب تبد و فيه جمالية معدن الفضة الأصيل .
السوار أو الدملج الخاتم والأقراط والخلالة تصاغ في معظمها من الفضة وتختلف نقوشها وزخارفها وما يطبعها ثقل وزنها والدقة والإحترافية في الصنع كما أن للرجال نصيب بسيط من هذه المادة المعدنية يتمثل بالخصوص في الخاتم الفضي والخنجر الفضي ذو النقوش المتأصلة التي يتباهى بها رؤساء القبائل .
" الخلالات" هي عبارة عن حلي من الفضة تتخذ أشكالا هندسية متعددة يغلب عليها طابع الشكل المثلث تتخللها أحجارا كريمة أو عقيقا تستعمل كشكل " بروش" أو مربط لما تضعه المرأة التمزموطية من"ملحف" أو ما يسمى عندنا ب "ليزار"
هذا الثوب الذي يشكل إلى جانب التنورة أو مايعرف عندنا "بالصاية" و"القطيب" والحزام" الزي التقليدي للمرأة التمزموطية حيث يتميز ببساطته وألوانه التي تختلف با ختلاف المناسبات والأعياد بين اللون الأسود للأيام العادية و اللون الأبيض للمناسبات كتعبير عن الفرح والسرور والصفاء.
فالقطيب أو " تكرزيت" هو عبارة عن غطاء للرأس تتخلله رسوم لأزهار أو أشكال تعبير للعمارة الإسلامية حيث يبدو كأنه لوحة فنية بلمسة صحراوية وأجوده, ما يطلق علي " بباريس"
أما الحزام فيمتاز بلونه الأحمر البارز تقوم المرأة التمزموطية بتشكيله من الصوف وتضفي عليه لمسة جمالية من خلال ما يسمى بالهدوب ذات الألوان المختلفة الأصفر والأخضر والبرتقالي والأزرق .
فاللون الأخضر رمز للشباب والانطلاقة والحياة الجيدة, أما اللون الأزرق فهو رمز للهدوء والسلام في حين أن اللون الأحمر يرمز الى الشجاع والقوة...
فالعين تحتاج إلى الألوان قدر حاجتها إلى الضوء وتترك تاتيرا في نفسية الإنسان وإيقاعا خاصا يطال المشاعر والانفعالات وهذا ما جعل المرأة التمزموطية تختار ألون زينتها بكل دقة لأنها تعمل في كثير من الأوقات كمرآة عاكسة لهذه المشاعر .
فهذه تركيبة الزي التقليدي التمزموطي الذي تتخذه المرأة التمزموطية الى جانب الحلي ومواد التجميل الطبيعية من "قرنفل" ورد" حناء" زعفران حر" صرغينة" الحر قوس" الكحل" النفقة" مظهرا من مظاهر الزينة لا تقف في حدودها بل ترتقي لتصبح مظهرا للتعبير عن أصالة وحضارة قبيلة ضا ربة في العمق تميز تعاقب الحضارات من خلال الزخارف والنقوش التي تتخدها الحلي والزي التقليدي التمزموطي .
فحري بنا ان نحافظ على هذا الموروث المتأصل ونعتز به في المحافل والمناسبات فهو يمثل عمق أصالتنا وتراثنا التمزموطي .
بقلم نور
2009\12\20