بعد مرور سنة على أحداث السيول الجارفة بدوار تمزموط ما زالت المعاناة مستمرة ، ومازال الفقراء يقطنون بين الأنقاض ، فتدخل الدولة كان هزيلا إذ اقتصر على الجانب الوقائي دون معالجة الآثار الناتجة عن الكارثة أما القبيلة فكانت بعيدة الجانب الاجتماعي وكان تدخلها شموليا واهتم ببناء السور الواقي ، لكن المساكين المشردين لم يلتفت احد لمعاناتهم فعادوا إلى ديارهم رغم خرابها.
قمت بزيارة للقصر القديم واطلعت عن قرب على حالته المزرية التي تعجز الكلمات وصفها ، فالدخول إليه مغامرة ، بنايات على الطريق مائلة متعبة تنتظر السقوط في أية لحظة ، وأنقاض هنا وهناك ، ووسط هذا تسكن إحدى عشر أسرة يدخلون ويخرجون صباح مساء. دعاني احدهم للدخول إلى مسكنه وأطلعني على واقعهم فمنزله الذي يتكون من ثلاث طوابق ليس فيه إلا غرفة واحدة صالحة للسكن ، فيها مطبخه وفيها يأكلون وينامون تحدث إلي قائلا والمرارة في حلقه " أنا وزوجتي وأبنائي الأربعة ننام مجتمعين في هذه الغرفة واكبر أولادي تجاوز ربيعه الثاني عشر" ، ويا ليت هذه الغرفة صالحة فعلا للعيش فقد سبق أن غمرتها المياه إلى مستوى المتر ومازالت اثأر البلل بادية والشقوق اخترقت الحيطان هنا وهناك ، فمجرد وجودك تحت ذلك السقف يشعرك بالخوف ، فما بال من يسكن هنا ، وأي سكن وأي أمان.
هذا فقط جزء من الواقع ، وما خفي أعظم وقد حملت معي آلة التصوير علها تنقل لكم بعضا مما عجزت عن وصفه ، أين نحن من التكافل الاجتماعي وأين التضامن ، نعم هناك تفاعل مع الأحداث عند وقوعها لكن سرعان ما يتلاشى ذلك مع مرور الوقت ويغمره النسيان ويبدو كأن الجراح التأمت والنفوس هدأت وكل شيء على ما يرام وينشغل كل منا بهمومه اليومية لكن وكما قيل " لا يبقى في القبر إلا مولاه[img]
[/img][img]
[/img]