مذكرات جنوبية ( رؤية همس الجنوبي لمعاناة جنوبيات )؛ المذكرة الرابعة : 1- ... بقية من ذكراهن !!
كاتب الموضوع
رسالة
همس الجنوبي نجم تمزموطي
عدد المساهمات : 371 تاريخ التسجيل : 18/10/2009 العمر : 45 الموقع : www.badda.c.la
موضوع: مذكرات جنوبية ( رؤية همس الجنوبي لمعاناة جنوبيات )؛ المذكرة الرابعة : 1- ... بقية من ذكراهن !! السبت مارس 26, 2011 12:57 pm
مذكرات جنوبية (رؤية همس الجنوبي لمعاناة جنوبيات) المذكرة الرابعة : 1- ... بقية من ذكراهن !!
هن الآن من منسيات الحياة إلا في بقايا من ذكراهن ، نطل بها لنحيي في قلوب سائرة على درب سلواهن أملا في أننا سنظل لبقية من ذكراهن نحفظ ، لنبعث في تلك الذكرى وفيهن وفيمن تبعهن روحا من حياة ...
تلك كانت كغيرها الكثيرات من بناتنا اليافعات العفيفات ترسو خلف أربعة أركان بيت وهي تأبى الاختلاط قسرا ، بعدما توارت عن الأنظار، إلا لماما منذ أن قُطع وريدها مع شريان العلم والمعرفة ، كان اسمها عفافا تشقى بأنوثتها الطافحة وحيدة تنتظر مخلصا يخلصها من متاعب طفحانها الأنوثي البركاني ، لكن قدرها كان أبا يرفض طلب كل من رسمت له أمه أو أخته أو جارته ، التي تملت من جمالها ، لوحة عن ظفائر شعرها الحريري أو عن قدها الغزالي لترسم له مع وصف تبسمها الثاقب بسمة في وجهه مع بسمتها ، أوتصف نظرة من نظراتها العطشى لتجعل عيون الفارس حصانا أُطلِق ركاب فارسه وجماح حصانه بعدما كَلَّ من البحث عن فرسه...
تُبَلغ عفاف بأحصنتها الذين لا يصلون إليها ؛ مهرة شرقية أصيلة أسيرة يقتلها الانتظار وقد كانت تسمع وقع الحوافر على أحجار دربها ترسو هنيهة جنب شرفة بيتها ، فإذا بها عند الجارة ، وإذا بالطبول والمعازف والمعازم...فتهرب مقهورة إلى بواطن نفسها تكبت مرارة الإكراه على العزوبة من أب كان ينتظر لابنته رجلا يخلصه من تعاسه وضعه المادي المتأزم ...
استحالت نفسيتها اليوم إلى بركان طافح بالغضب والرفض فزادت عزلتها وتعمقت غربتها مع مشاعرها الدفينة أصلا ، وهي القادمة حديثا إلى مدينة العوانس ، لم تقو عفاف على وطأة أجواء المدينة الملتهبة الأحاسيس والمشاعر ، فسقطت جثة مغمى عليها حملتها الأسرة إلى مستشفى قريتها الصغير فالكبير دون أن يتمكن أي طبيب من تشخيص أي أثر لمرض عضوي في جسدها المتآكل المتقلص سنة بعد أخرى، لم يفلح الطب في تطبيب حالة عفاف التي لاترصدها المكروسكوبات ولا الاختبارات الدموية ولم تفلح معها حتى الأقراص والعقاقير المسكنة من تسكين لهيبها ، دخل عليها الأب وهي في غرفة الإنعاش ، وجدها ترفع سبابتها للسماء ، ليس بأشهد أن لا إلاه إلا الله وأن محمدا رسول الله ، بل كانت تلفظ : " لن أسمح لأبي الذي حرمني من الحلال وأنا أنشد العفاف " ، وقف الأب مشدوها أمامها وهي تلفظ نفسها الأخير...
لم يدخر الطبيب يومها جهدا في تتبع ورصد أحوال العفيفات لكنه قام ويقوم وسيقوم دائما بواجبه على أحسن مايرام ، هو الآن يبصم بخاتمه شهادة الوفاة للسماح بدفن العفاف ، ومعها السر مدفونا إلا في بقية من ذكراهن !!
أسرع الطبيب لمريض حل عليهم من جديد بعد أن حمَّل القاضي مسؤولية تحديد ومحاسبة من تدخل في عسر موتى مستودع أمواته ممن لم يسمح بدفنهن أو دفنهم ،أما عفاف فلم يبق إلا إكرامها بدفنها ميتة بعدما وئدت حية وفي مسجد حيها الذي حضرت تراويح ليلة القدر الأخيرة فيه صلى عليها جمع الناس بعد صلاة جمعة خاطب فيها الخطيب الجمع مبينا معنى الخالق الباري : " ...ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء..." ، أما الأديب فحمل طوعا ، بعد أن هاله بشاعة الموقف والسلوك ، هم من سمح الطبيب بدفنهم أو دفنهن ومن لم يسمح به منهم أو منهن ...
فوصلتك منه قصة عفاف في بقية من ذكراهن ففيما أنت من ذكراهن ؟!!
همس الجنوبي صبيحة السبت 26 مارس 2011 للفتاة والمرأة والأم في عيدهن وللذكرى بقية في ...بقية من ذكراهن!! 2 و 3
عدل سابقا من قبل همس الجنوبي في الجمعة فبراير 24, 2012 4:41 pm عدل 1 مرات
همس الجنوبي نجم تمزموطي
عدد المساهمات : 371 تاريخ التسجيل : 18/10/2009 العمر : 45 الموقع : www.badda.c.la
موضوع: رد: مذكرات جنوبية ( رؤية همس الجنوبي لمعاناة جنوبيات )؛ المذكرة الرابعة : 1- ... بقية من ذكراهن !! الأربعاء مارس 30, 2011 7:26 am
وصلتك مني قصة عفاف في بقية من ذكراهن ففيما أنت من ذكراهن ؟!! ...
مذكرات جنوبية ( رؤية همس الجنوبي لمعاناة جنوبيات )؛ المذكرة الرابعة : 1- ... بقية من ذكراهن !!